12 ديسمبر 2009

حب في زمن الخيانة الحلقة الثالثة

حب في زمن الخيانة
الحلقــــة الثــالثــــة
أهلا ً بكم .. ها قد عدت إليكم من جديد .. أرجو منكم اليوم أن تلتمسوا لي العذر .. لأن تفاصيل اليوم مؤلمة بعض الشئ .. اليوم سأكمل حكاية ( أحمد ) مع محبوبته الأولى ( أسماء ) .. بعدما اعترف كل منهما بالحب للآخر كانت المشاعر الجميلة وحدها هي التي تجمعهم ، وتجعلهم سعداء .. لكن القدر قال كلمته ، ورسم نهاية حزينة لهذه العلاقة الجميلة بين هذين القلبين .
لم تكد تمر أشهر قليلة على قصة الحب الهادئة في أحداثها .. المليئة بالمشاعر ، والأحاسيس في تفاصيلها حتى مرضت ( أسماء ) فجأة ، وبدون مقدمات .. أعرف أن الكثيرين الآن سيقولون أن هذا الكلام أصبح فيلما ً من الأفلام العربية القديمة ، ولكن أن تقرأ عن شئ معين إحساسه مختلف جدا ً أن تعيش نفس الشئ بتفاصيله المؤلمة .. فما بالكم وهذا العاشق الصغير يرى محبوبته ، والمرض اللعين يتمكن منها ، ويجعلها مثل الأشباح .. نعم يا أصدقائي لقد أصيبت بالمرض اللعين .. السرطان .. كل هذا حدث بسرعة أمام ( أحمد ) .. الأحداث أخذته في دوامتها السريعة دون أدنى رحمة بقلبه المرهف الحساس .. لم يشعر بما يحدث حوله .. لم يعرف ما الذي سيفعله وهو يسأل الطبيب عن حالتها ، والطبيب يجيب عليه بكل أسف قائلا ً :
- مع الأسف يا باشمهندس ( أحمد ) .. ( أسماء ) حالتها غير مطمنة .. نحن لا نملك لها غير الدعاء .. هذا أقصى مانملك .
بالله عليكم إذا تعرض أحدكم لمثل هذا الموقف كيف سيكون شعوره ، وإحساسه .. ما الذي سيفعله حتى ينقذ محبوبته .. ( أحمد ) لم يعرف ماذا يفعل .. كل ما كان يفكر فيه هو أن يبقى بجوارها أطول وقت ممكن .. ترك دراسته الجامعية في الوقت الذي أوشكت فيه الامتحانات على البدء .. ترك المذاكرة .. ترك طموحه .. ترك كل شئ في حياته .. كل ذلك من أجل أن يبقى مع ( أسماء ) .. لم يكن يملك أقصى من ذلك يستطيع تقديمه إليها .
ظل ( أحمد ) بجوارها ، ولم يفارقها لحظة .. حتى ماتت ويديها متشبثة بيده .. ضحكتها البريئة ، وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة ظلت مرتسمة على وجهها .. كلماتها الأخيرة التي قالتها له ظلت عالقة في ذهنه ، وسيظل يذكرها حتى يموت هو الآخر .. كانت تمسك بيده ، وهي تقول له في إعياء شديد ، وبأنفاس متقطعة :
- ( أحمد ) .. أنا أعرف أنني أمثل كل شئ في حياتك ، ولكني أريد أن أموت ، وأنا متأكدة بأن حياتك لن تتوقف ، وستستمر من بعدي كما كانت قبلي تماما .. هل تعدني بذلك .
أخذت الدموع تنساب على وجه ( أحمد ) بغذارة وهو يراها وهي تودع الحياة ، وتفكر فيه حتى في تلك اللحظات .. أمسك بيديها بشدة ثم قال لها وهو يحاول أن يتغلب على دموعه المنهمرة كالمطر :
- ( أسماء ) .. ستعيشين يا ( أسماء ) .. لا تقولي هذه الكلمات أرجوك ِ .
- ( أحمد ) .. أرجوك عدني بذلك .. اختر من تناسبك ، وتزوج .. فقط اجعلني ذكرى جميلة في حياتك .. لاتدع حياتك تتأثر برحيلي .. أريد أن تكون أفضل شخص في هذه الدنيا .. عدني بذلك أرجوك .
قالت ( أسماء ) هذه الكلمات وهي تعاني سكرات الموت الأخيرة .. لم يتمالك ( أحمد ) نفسه ، ولكنه اضطر أن يعدها بذلك حتى تفارق الدنيا وهي مطمئنة عليه .. قال لها بحرقة ، وهو يقرب يدها الهزيلة من فمه ، ويطبع عليها قبلة مبللة بالدموع :
- أعدك يا حبيبتي .. أعدك يا ( أسماء ) .
سمعت ( أسماء ) هذه الكلمات الأخيرة من حبيبها ( أحمد ) ، فابتسمت ابتسامة هادئة بعدها مالت رأسها على صدرها معلنة مفارقتها الحياة .
عاش ( أحمد ) أياما ً صعبة بعد رحيل ( أسماء ) .. لم تستمر حياته كما كانت قبل ذلك كما وعد ( أسماء ) .. رسب في هذه السنة في الكلية ، وبدلا من يحقق حلمه ، وحلم ( أسماء ) انخرط في حياة أخرى مليئة باليأس ، والألم .
اللحظات الصعبة والمريرة التي مرت عليه كان يتذكرها دائما .. ابتسامة ( أسماء ) له قبل موتها .. خوفها عليه .. نظرات عينيها الزائغتين وهي تفارق الحياة .. لحظة دخولها القبر وهو يراها في الكفن الأبيض .. كل هذه اللحظات المؤلمة كانت تؤرق حياته ، وتشل تفكيره .. لم يكن ( أحمد ) ذلك الشخص القوي الذي يستطيع التغلب على هذه الأشياء بسهولة .. كان لابد له من وقت طويل يمر عليه حتى يتغلب على مشاعره ، وتستمر حياته .
استمر ( أحمد ) على هذه الحالة قرابة السنتين .. كان يفصل نفسه عن دنيا الواقع ، ويعيش في دنيا لا يوجد فيها سواه هو و ( أسماء ) فقط .. لم يخرج من حالته هذه سوى بعد تأكد بأن ( أسماء ) ذهبت بلا رجعة .. كان لابد له بعدما عاد لرشده بعد هذه الفترة الطويلة أن يفي بوعده الذي قطعه على نفسه لـ ( أسماء ) قبل موتها .. استمرت حياته الطبيعية كما كانت من قبل .. بقي شئ واحد في وعده .. طبعا ً أنتم خمنتم الآن .. أسمعكم تقولون في نفس الوقت ( داليا ) .. نعم هي ( داليا ) .. لكن يا أصدقائي ليست في هذه الحلقة .. نكمل موضوعنا إن شاء الله في الحلقة القادمة .. حتى هذه اللحظة أنا منتظر ردودكم ، وتجاوبكم معي .

المهندس الفنــــــان
مصطفى محمود أبودقة
حقوق النشر الإلكتروني محفوظة للموقع © 2010

0 التعليقات:

إرسال تعليق