17 أكتوبر 2009

حب في زمن الخيانة

حب في زمن الخيانة
الحلقة الأولى

احترت كثيرا في اختيار اسم لهذا المقال ، وبعد طول تفكير اخترت له اسم ( حب في زمن الخيانة ) .. ذلك الزمن الذي انعدمت فيه جميع القيم ، ولم يتبقى غير الفساد والرشوة والمحسوبية .. بالله عليكم زمن مثل هذا أين تجد فيه الحب الصادق !!!
في السابق كنا نسمع عن قصص الحب الخالدة التي استمرت لمئات السنين يضرب بها المثل في الحب ( كليوباترا وأنطونيو .. عنتر وعبلة .. قيس وليلى .. روميو وجوليت .......) وغيرهم الكثيرين .. هذه هي قصص الحب الخالدة ، وسبب خلودها في ندرتها ، وقوة أحداثها والتضحيات التي تحدث وتغلف أحداث هذه القصة .
أما الآن فيوجد قصص حب يغلفها الفشل الذريع .. عنوانها الغدر والخيانة .. في زماننا هذا توجد قصص الحب الملتهبة المليئة بالتضحيات والمشاعر في الروايات والأفلام السينمائية فقط ؛ أما على أرض الواقع فلا شئ من هذا الذي يكتب .. لا شئ غير الكذب والغش .. كلا الطرفين تزين له نفسه ليلهو على حساب الآخر ؛ أما المشاعر الصادقة الطاهرة فلم يعد لها وجود بيننا .. نحن في عصر التيك أوى ياعزيزي حيث كل شئ بسرعة .. حتى الحب أصبح هو الآخر كذلك .. مثلما يأتي بسرعة يضيع مع الأسف بسرعة .. لا أحد يقدر قيمة العواطف والمشاعر .. كل شئ أصبح مدفوع الثمن .. كل شئ له فاتورة شهرية .. الحب أيضا أصبح مدفوع الثمن .. إذا كنت تمتلك المال تستطيع أن تجعل من حولك يحبوك .. تستطيع أن تجذب حولك أكبر كـــمّ من الفتيات .. أما إذا كنت فقيرا لا تمتلك قوت يومك فلن تجد حتى أنثى قرد ترضى بك .. سوف تفرّ النساء من حولك كأنك وباء معدي .
مالذي نريده بالضبط ؟؟
هل نريد اللهو والعبث !؟ .. أم نريد البحث عن ذاتنا المفقودة ، ولكننا عاجزين عن فعل ذلك !؟
مما لاشك فيه أنه توجد حلقة ما مفقودة في المنتصف .. دائما هذه الحلقة مفقودة في حياتنا .. في كل شئ حولنا .. حتى في نومنا هذه الحلقات المفقودة تخرج لنا على هيئة كوابيس مرعبة تؤرق خواطرنا ، وتحاول السيطرة علينا .. لكن الأهم من ذلك .. لمّ نعطي لهذه الخواطر الفرصة للسيطرة علينا .. لم نحاول جاهدين أن نعيش في تعاسة .. هل نحب تعذيب أنفسنا لهذا الحد !!! .. شئ عجيب .. أيّ عقل ، وأيّ منطق يجبرنا على فعل ذلك .. من العاقل أو المجنون حتى الذي يرتضي بهدم حياته بيده كأنه يقول الجملة الشهيرة ( بيدي لا بيد عمرو ) !! .. أتدرون لمّ كل هذا !! .. كل هذا لانعدام القيم والمبادئ ، وقبل كل ذلك انعدام القدوة في حياتنا .
في الماضي كانت القدوة متوفرة حولنا .. أما الآن فنحن نبحث عن إبرة في كومة من القش .. القدوة حولنا الآن أصبحت في المطرب كذا صاحب أجمل شعر للصدر ، والمطرب الأسطورة كذا ، ولاعب الكرة كذا الذي هتك عرض زميله في الملعب ، واللاعب كذا الذي يشير بإصبعه دائما كلما استثاره أحد من الجمهور وهذا لأن ( دمه حامي ) ، واللاعب الذي يتفوه بألفاظ تخدش الحياء ، والمطربة التي تفتخر بأنها أثارت الحصان ، ومطربة بوس الواوا ، ومطربة أمّــــا نعيمة ، ومطربة السيليكون ، وغيرهم الكثيرين ممن تطول القائمة بذكرهم .
من منــّا قدوته أحد العلماء الأفاضل .. من منــّا يريد أن يكون عالما ً في أي مجال من المجالات .. من منــّا يريد ان يحصل على جائزة نوبل .. جميعنا يجري خلف التفاهة التي أصبحت عنوان لكل شئ في حياتنا .. البيت ، والشارع ، والأرصفة ، والميادين ، والمدارس ، والجامعات ، والمستشفيات .. كل شئ أصبحت الفوضى تغلفه كأنه بيت من بيوت العنكبوت .. فليخبرني أحد بالله عليكم .. أين إذا سنجد بعد كل ذلك حبا ً صادقا ً !! .. أعتقد أن ذلك شئ صعب للغاية .
الخيانة بالتأكيد لها أشكال مختلفة .. ولكن أصعبها على الإطلاق خيانة الحبيب لمحبوبه .. أصعب إحساس في هذا الدنيا يمكن أن يشعر به الإنسان يحدث عندما تأتي الخيانة ممن يثق بهم ويقدرهم .. لذا تقع الخيانة على الإنسان وقوع المصائب .
( الخيانة في الحب ) كلمة صعبة أليست كذلك ؟ ، ولكن قد يتسائل البعض كيف يجتمع الإثنان سويا في آن واحد ؟!! .. هل يحدث الحب ، ثم تتبعه الخيانة !!! .. كيف يكون الحب جزاؤه الخيانة ؟! .. أسئلة كثيرة بعضها له إجابات ، والكثير منها تقف أمامه مذهولا ً شاغرا ً فاك وتتسائل في حيرة .. كيف ذلك ؟! .. صدقني نحن في زمن العجائب ؛ فلو أخبرك أحدهم بأنه رأى العنقاء أوقابل غولا ً في يوم من الأيام أنصحك بأن تصدقه على الفور ، وبدون تردد .. لا أحد يتعجب .. فعلا نحن في زمن المعجزات .. كل شئ أصبح جائز الحدوث .. لاتستبعد حدوث أي شئ .. فالشئ الذي تبعده عن خيالك ، وتقول بأن هذا الشئ لن يحدث .. صدقني هذا الشئ هو الذي سيحدث .
الحلقة القادمة سأتحدث ، وأحكي عن بعض قصص الحب الدامية في عصرنا البائس هذا ، وسأترك لكم الحكم لتحكموا بأنفسكم ، وتتيقنوا أننا في زمن المعجزات .. زمن الخيانة ، وعدم الوفاء .. إلى أن نلتقي أرجو أن ينال ما أكتبه إعجابكم ، فبدونكم لن أستطيع إكمال ما بدأته .
المهندس الفنــــــان
مصطفى محمود أبودقة
حقوق النشر الإلكتروني محفوظة للموقع © 2009